..... انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ{99} الأنعام
ويقول تعالي أيضا في نفس السورة: .... وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ{141}الأنعام
ويقول تعالي: .... لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ{35}يس
ومن المعروف أن لفظ الثمرة يطلق غالبا علي كل ما تثمره النباتات كالفاكهة وغيرها من جذور وبذور ودرن وأوراق, والفاكهة هي ثمرة الشجرة, ومن المعتاد أن تطلق علي الثمرة الحلوة.
وفي الآيات البينات السابقات, يحض الله تعالي إلي النظر والتأمل في ثمار الفاكهة وهي ناضجة ويانعة, ثم الأكل منها, والشكر لله المنعم, علي فضله وكرمه, أن كلل جهود الزراع, فأخرج المحصول الوافر بمختلف الثمار. لكن لماذا أمر الله تعالي بأكل الفاكهة الناضجة فقال:إذا أثمر وينعه: أي أنضجه وكلوا من ثمره إذا ثمر أي: إذا نضج؟
أثبت العلم الحديث أن الفاكهة غير الناضجة تحتوي علي الكثير من المركبات الضارة, والتي من أهمها:1) مادة البروتوبكتين: توجد في الأنسجة النباتية للثمار غير الناضجة, وتكون المادة اللاصقة بين الخلايا, والتي تعمل علي تماسكها, وربطها ببعضها البعض,
وعند نضج الثمار تتحلل مادة البروتوبكتين, بتأثير إنزيم البروتوبكتيز, إلي مادة البكتين, القابلة للذوبان في الماء, وباستمرار التحلل بواسطة إنزيم البكتيز, يتكون أخيرا حمض البكتيك, الذي يفقد الثمرة تماسكها وصلابتها, ويحولها إلي ثمرة لينة, علامة علي نضجها2) مركبات الفيتو ـ الكسينات: مواد غالبا ما تكون ضارة, وتزداد في الأنسجة النباتية عند تعرضها للضغط والتلف الميكانيكي والأشعة فوق البنفسجة3) مركبات التانينات( تسمي أيضا حمض التانيك أو جالوتانين): عبارة عن مواد بولي فينولية, توجد في ثمار الفاكهة غير الناضجة وبذور الخروب والشاي, وهي المسئولة عن الإحساس بالطعم القابض في الفم, ولها القدرة علي ترسيب البروتينات, فتمنع امتصاص الجسم لها, والاستفادة منها4) طبقة الفلافيدو: عبارة عن طبقة القشرة الخارجية الملونة لثمار الموالح( تسمي أيضا غلاف الثمرة الخارجي), والتي تحتوي علي جيوب أو أكياس زيتية وبلاستيدات عديدة صفراء في الثمرة الناضجة, وتكون خضراء في الثمرة غير الناضجة حيث تحتوي علي الكلوروفيل( اليخضور)5) مادة الليمونين والأيزوليمونين: مركبات شديدة المرارة, توجد في برتقال الفالنسيا وأبو سرة, ولا توجد في الفاكهة الناضجة6) جلوكسيد سترونين: عبارة عن جليكوسيد من الفلافونات, موجود في القشور غير الناضجة لنوع من الليمون7) الليكتينات: والاسم القديم لها هو هيماجلوتينات أو فيتوجلوتينات, وهي مادة عادة سامة, وتوجد في كثير من البقوليات
مركب النازنجين: مركب شديد المرارة, يوجد في الثمار غير الناضجة للجريب فروت, حيث يمكن كشفه بوجود1 جزء في10000 جزء ماء9) سوربيتول: كحول سكري ينتج من اختزال سكر الفاكهة( الفركتوز), وبالرغم من إمكانية تمثيله غذائيا داخل الجسم, إلا أن امتصاصه من الأمعاء الدقيقة يكون بطيئا. والمتأمل لقوله تعالي:كلوا من ثمره إذا اثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ـ الأنعام:141, يلاحظ ثلاثة أمور معجزة هي: أولا: الأمر الإلهي بأكل الفاكهة عند النضوج( كلوا من ثمره إذا أثمر), وقد عرف العلم مضار تناول الفاكهة غير الناضجة لاحتوائها علي الكثير من المركبات الضارة التي سبق ذكرها, ثانيا: الأمر بإخراج زكاة الزروع عند حصاد المحصول الناضج( وآتوا حقه يوم حصاده) وذلك: لزيادة إنتاجية وغلة المحصول عند النضج( جدوي اقتصادية) مما يزيد بالتبعية من نصاب زكاة الزروع, فيؤدي إلي إطعام عدد أكبر من الفقراء والمساكين( بعد اجتماعي) إخراج نصاب زكاة الزروع عند موقع المحصول, يقلل من تكاليف النقل والتخزين والفاقد من تلف الفاكهة( جدوي اقتصادية أخري) إخراج نصاب زكاة الزروع من فاكهة طازجة وناضجة يؤكد الاستجابة لقوله تعالي:يا أيها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ماكسبتم البقرة267( بعد إيماني) الفاكهة الناضجة مصدر آمن للغذاء ومصدر طبيعي جيد للدواء, خصوصا لأمراض سوء التغذية( بعد صحي) ثالثا: الأمر بعدم الإسراف في تناول الفاكهة( ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين), لأن
الإسراف في تناول الفاكهة قد يكون سببا في إلحاق الضرر بصحة الإنسان,
فالإسراف في تناول المانجو يضر بمرضي حصوات الكلي( زيادة الأوكسيلات),
والإسراف في تناول الموز يضر بمرضي القلب وضغط الدم المرتفع( زيادة الصوديوم والبوتاسيوم), والإسراف في تناول العنب يضر بمرضي السكر( زيادة الجلوكوز في الدم),
والإسراف في تناول الجوافة يضر بمرضي القولون( زيادة الإمساك) وغير ذلك الكثير,
وصدق الله العظيم القائل:ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدي ورحمة ـ النحل:.89